مؤسسة روح فاس

الورقة التقديمية

"النهضات" ليست مجرد موضوع أو عنوان، بل هي دعوة لاستكشاف آفاق ترحيبية، إلى بوابات مضيافة تفتح على مساحات وأزمنة من الخير، والأمل، والأحلام، والخيال، والاكتشاف.

تشير النهضات إلى المعرفة، والديناميات الاجتماعية، والثقافية، والسياسية. يمكن تحليلها من خلال جوانب متعددة بأبعاد عدة: المعرفة، التراث، والثقافات هي ربما الأكثر خصوبة وتفاعلاً مع كامل مكوناتها.

النهضات هي تحولات جماعية وعالمية. تعبر وتطبع تحولات عميقة تعيشها المجتمعات في لحظات مميزة من تطورها. هي نضوج، وتكافلات، وقطائع، وقفزات نحو الأفضل. تزدهر الإمكانيات، وتبرز المواهب. يتقوى التماسك الاجتماعي. تُبنى الروابط الاجتماعية. يتعزز الثقة الجماعية. تُحرك المشاريع المجتمعية، وتنطلق الطاقات.

النهضات كحقل للتفكير والإبداع تستدعي ثقافة الثقافات وكل تراث ينبثق منه كل حكمة وذكاء جمعي.

قد يكون لهذا النهج الصاعد امتياز كبير في تسليط الضوء على القيم، وأنماط الحياة، والمعتقدات، والسلوكيات، والمعالم المادية وغير المادية التي تخلق المعنى في المجتمع.

الإبداع، بكل أشكاله، مدعو إذن إلى مزيد من الوضوح. هي علامات مجتمعية. هي بصمات تفاعلات المجتمعات مع بيئتها القريبة والبعيدة. هي مرآة التأثيرات التي تثيرها الثقافات على تراثها والتي تتأثر بدورها بالتطورات المجتمعية.

الثقافة هي في نفس الوقت وعاء وناقل للتحولات والتغيرات.

أبعاد متعددة من هذه التأثيرات تثير اليوم السؤال الملح حول العلاقات المتبادلة والواجهات بين الثقافات والتقنيات. الرقمية، الشبكات الاجتماعية، والذكاء الاصطناعي هي الأكثر نشاطاً، والأكثر إرباكاً، والأكثر إثارة للقلق.

بدون أي ادعاء بالخوض في متاهات اشتقاق ومعرفة مصطلح "النهضات"، يجب أن نعترف بفضله في اقتراح الدينامية، الزخم، وكونه كاشفاً لآفاق مفتوحة على رياح معاكسة.

"التكاثر الموسع" (بإيماءة إلى فيلسوف كبير) الذي يقترحه هذا المصطلح يفترض إتقان الأسس الأساسية واستيعابها بذكاء. فهي بذلك بمثابة منصات انطلاق لأحلام وخيالات مجتمعية نحو الأفضل الجماعي المنشود.

في قلب البعد الثقافي يتجلى هذا التحول.

ثلاث مستويات للتعبير

1. الجماعي الداخلي

على المستوى الجماعي، المجتمع الذي يستوعب ثقافة الثقافات كتجلٍ للمبادئ الإنسانية، وقيم الاحترام، العدالة، الحرية، والتضامن، السلوكيات، أنماط الحياة، لتصور، بناء، توطيد، الحفاظ على السلام والرفاه، يحمله هذا "النهضات" الشهير. هو في انسجام مع تحليقاته الفاضلة. الحشد الشامل الذي ينتج عنه يدفع المجتمع نحو مشروعه الاجتماعي بحثاً عن انسجامه وازدهاره القادم.

2. الفردي

على المستوى الفردي، الملاءمة تستدعي هذه الحركة المنقذة التي تحدث ثورة في المجتمعات وتنبعث من أفراد من نوع جديد. المواطنة، بما هي عليه، تتزامن مع العقلانية، احترام الاختلافات، الالتزام بالتنوع كركيزة بشرية، وحب الوطن كعنصر من عالم متنوع، معقد ولكنه مكمل. هل هو شيء آخر غير الحداثة؟ المواطنة الملتزمة التي تحمل الثقة بالنفس، بالوطن من خلال ثقافاته؛ لغات، قيم، أنماط تفكير، تصور للكون وأسراره، وإبداعات؛ هي في حوار جوهري مع الثقافات الأخرى. هي منفتحة، متأملة، ومتشوقة لمعرفة الآخرين لتأكيد شكوكها وتطلعاتها في التفاعلات مع الآخرين، مهما كانوا مختلفين.

3. الدولي

على المستوى الدولي، الهدوء والمواطنة المشتركة تفضل وتعزز العيش معاً مع الآخرين. لا يمكن الحديث عن ولادات أو "نهضات" عندما لا يوجد الآخر (بأحرف كبيرة) وجهاً لوجه، في انسجام ولكن أيضاً في تضاد.

لا يمكن للنهضات أن تقترن بالإغلاق، الحبس، العزلة، الغطرسة، الجهل، الكراهية، العنف، ورفض التنوعات. النهضات هي نشيد للتنوع، المشاركة، المعرفة والاعتراف بالقريب والآخر، وللحرية المواطنية الملتزمة والمحمية بالقانون، العدالة، التضامن، والمطالبة بالإنصاف.

ثلاث محاور للمؤتمر

1. الثقافات والتراث؛ ما تعابير النهضات؟
2. الذكاء الجماعي، الذكاءات الاصطناعية؛ ما الوعود، ما المخاطر؟
3. التساؤلات الاستراتيجية: تعابير عن نهضات مُعلنة؟